مكنون الشعب المصري
نفسي افهم ايه اللي في مكنونك ؟؟
السؤال ده مطرحهوش شفيق كدة هبل ولا ارتجال في قعدة صفا ؛ابسليوتلي نت
شفيق دارس وعارف السؤال اللي لازم يتوجه لشخص يحمل الجنسية المصرية
"نفسي افهم اللي في مكنونك"
لما تبقي قاعد في قهوة في ايام الحج المباركة وتلاقي ناس كبار السن عالقهوة
بيشربوا شيشة وسجاير ويلعبوا طاولة وفي نفس الوقت مشغلين مناسك الحج
عالتلفزيون وبيقولو: "لبيك اللهم لبيك ....."
وتلاقي الواحد فيهم عينه هتدمع وبيتكلم
في خشوع مع صوت خشخشة ناتجة من شدة سحب دخان الشيشة ....يبقي انت اكيد
اكيد اكيد في مصر ...ونفسك تقوله نفسي افهم ايه اللي في مكنونك .
ولما تلاقي راجل كبير في السن بيحكي ازاي راح يحج وبيوصف الكعبة ومكة المكرمة
احسن من احسن اديب ومفكر وتلاقيه بيشرب سجاير وقاعد عالقهوة يتكلم عاللي موجود
ومش موجود ويهزر ويقول الفاظ ....يبقي انت اكيد اكيد اكيد في مصر .
لما تروح اي مصلحة وتلاقي الموظف او الموظفة يا بيصلي يا بيقرا القران يا بيقول
ازكار وتيجي تقدمه ورق المصلحة اللي انت عاوزها يقولك : الشباك اللي جنبي ،المكتب
اللي جنبي وهو وشه عبوسا قمطريرا وتروح الشباك اللي جنبه يقولك اللي هجنبه وهكذا
دواليك.......لغاية لما تزهق وتمشي .
والغريبة انك تلاقي الموظفين بيتكلموا في امور دينية وعن الاسلام ومدام عفاف تقول لمدام رشا شوفتي حلقة الشيخ حسان امبارح ؛ومدام رشا اه ده كان بيتكلم عن كذا وكذا
......وتلاقي استاذ رشاد بيتكلم عن صيام يوم عرفة مثلا وفضله ....
وتروحله بورقك يقولك روح لاستاذ مينا ...لسان حالك "مينا ...مينا.....انت فين يا استاذ انت الوحيد اللي هتخلصلي المصلحة دي ....دماغك ابوسها " وتلاقي استاذ مينا قام يصلي الظهر الساعة 2 مع انه مسيحي اساسا وصلاة الظهر الساعة 12 مثلا.
وتكتشف اسمي معاني الوحدة الوطنية وتقول "عاش الهلال مع الصليب "
وتستمر هذه الملحمة ضاربة افضل المثل في وحدة الشعب المصري لغاية الساعة 2 ظهرا وهو وقت اغلاق المصالح الحكومية.
لكن فجأة ربنا يكرمك بواحد ابن حلال مصفي راجل عامل بسيط زبيبة الصلاة في وشه
زي ختم النسر وغلبان ومنكسر ويقولك : تعالي يابني انت صعبت عليا واقف من الصبح
عشان حتة الورقة دي ؟
انا: شوفت يا حج .
العامل : دي عالم معندهاش ضمير ولازمة ازاي بيقبلوا يأكلوا عيالهم فلوس حرام ؟مهو يا بيه اللي مبيشتغلش بضمير وبالفلوس اللي بياخدها تبقي فلوسه حرام .
ويتابع كلامه : هات يابيه ورقك اخلصهولك وبعون الله هيخلص وهتروح وانت طلبك مقضي .
انا : ياسلام يا حج ربنا يكرمك ....روح يا شيخ وتعالي بسرعة .
بعد اقل من دقيقة ياتي وعلي وشه البشارة قائلا : اتفضل يا بيه انت ابن حلال لحقتهم في اخر لحظة .
ساعتها تبقي فرحان..... and u feel like
وتبوس راسه وتقله شكرا انا مش عرف كونت من غيرك كونت هعمل ايه .
وفجاة وانت ماشي تلاقي النور اللي في وشه انطفي والنسر اللي علي قورته طار
ويقولك علي فين يا بيه مش هتراعيني بقي.
انا : ربنا يكرمك ويفتحها في وشك .
العامل : لا بيه انا عاوزك تراعيني .
انا : يعم انت فاكر حسن شحاتة هخدك باك يمين ارعاك .
وفجاة تكتشف انه عاوز فلوس ومبلغ معين مش اي حاجة يعني وتكتشف انك مضطر تديله ...لانك لو مديتلوش هو هيديلك :))
وساعتها تلاقي النور اللي في وشه رجع والنسر اللي كان طاير عشش علي قورته من جديد وراح يصلي ركعتين شكر لله .
ساعتها تبقي واقف باصصله
and u feel like
والسؤال بقي نفسي افهم ايه اللي في مكنون الشعب المصري؟؟؟
العلمانيين بيطالبوا بفصل الدين عن السياسة ....والاسلامينن بيطالبوا بتطبيق الشريعة
والغريب ان المصرين بيجمعوا بين التياريت المتحاربين ، الشعب متدين وبيصلي وبيصوم وبيحج وبينتخب الشريعة وعاوزيطبقها والناس بعيط قدام البرامج من الايمانيات.....لكن في نفس الوقت فاصلين الدين عن الحياة كلها مش عن السياسة فقط
وبيرتكبوا مايخالف الدين قلبا وقالبا ....وساعتها تقول لنفسك " الناس دي عاوزة مننا ايه ياكابتن مدحت " .
وفي الناية هتفضل تسال ...وتسال...وتسال
الناس دي ايه اللي في مكنونها ؟؟؟؟
تابع...
السؤال ده مطرحهوش شفيق كدة هبل ولا ارتجال في قعدة صفا ؛ابسليوتلي نت
شفيق دارس وعارف السؤال اللي لازم يتوجه لشخص يحمل الجنسية المصرية
"نفسي افهم اللي في مكنونك"
لما تبقي قاعد في قهوة في ايام الحج المباركة وتلاقي ناس كبار السن عالقهوة
بيشربوا شيشة وسجاير ويلعبوا طاولة وفي نفس الوقت مشغلين مناسك الحج
عالتلفزيون وبيقولو: "لبيك اللهم لبيك ....."
وتلاقي الواحد فيهم عينه هتدمع وبيتكلم
في خشوع مع صوت خشخشة ناتجة من شدة سحب دخان الشيشة ....يبقي انت اكيد
اكيد اكيد في مصر ...ونفسك تقوله نفسي افهم ايه اللي في مكنونك .
ولما تلاقي راجل كبير في السن بيحكي ازاي راح يحج وبيوصف الكعبة ومكة المكرمة
احسن من احسن اديب ومفكر وتلاقيه بيشرب سجاير وقاعد عالقهوة يتكلم عاللي موجود
ومش موجود ويهزر ويقول الفاظ ....يبقي انت اكيد اكيد اكيد في مصر .
لما تروح اي مصلحة وتلاقي الموظف او الموظفة يا بيصلي يا بيقرا القران يا بيقول
ازكار وتيجي تقدمه ورق المصلحة اللي انت عاوزها يقولك : الشباك اللي جنبي ،المكتب
اللي جنبي وهو وشه عبوسا قمطريرا وتروح الشباك اللي جنبه يقولك اللي هجنبه وهكذا
دواليك.......لغاية لما تزهق وتمشي .
والغريبة انك تلاقي الموظفين بيتكلموا في امور دينية وعن الاسلام ومدام عفاف تقول لمدام رشا شوفتي حلقة الشيخ حسان امبارح ؛ومدام رشا اه ده كان بيتكلم عن كذا وكذا
......وتلاقي استاذ رشاد بيتكلم عن صيام يوم عرفة مثلا وفضله ....
وتروحله بورقك يقولك روح لاستاذ مينا ...لسان حالك "مينا ...مينا.....انت فين يا استاذ انت الوحيد اللي هتخلصلي المصلحة دي ....دماغك ابوسها " وتلاقي استاذ مينا قام يصلي الظهر الساعة 2 مع انه مسيحي اساسا وصلاة الظهر الساعة 12 مثلا.
وتكتشف اسمي معاني الوحدة الوطنية وتقول "عاش الهلال مع الصليب "
وتستمر هذه الملحمة ضاربة افضل المثل في وحدة الشعب المصري لغاية الساعة 2 ظهرا وهو وقت اغلاق المصالح الحكومية.
لكن فجأة ربنا يكرمك بواحد ابن حلال مصفي راجل عامل بسيط زبيبة الصلاة في وشه
زي ختم النسر وغلبان ومنكسر ويقولك : تعالي يابني انت صعبت عليا واقف من الصبح
عشان حتة الورقة دي ؟
انا: شوفت يا حج .
العامل : دي عالم معندهاش ضمير ولازمة ازاي بيقبلوا يأكلوا عيالهم فلوس حرام ؟مهو يا بيه اللي مبيشتغلش بضمير وبالفلوس اللي بياخدها تبقي فلوسه حرام .
ويتابع كلامه : هات يابيه ورقك اخلصهولك وبعون الله هيخلص وهتروح وانت طلبك مقضي .
انا : ياسلام يا حج ربنا يكرمك ....روح يا شيخ وتعالي بسرعة .
بعد اقل من دقيقة ياتي وعلي وشه البشارة قائلا : اتفضل يا بيه انت ابن حلال لحقتهم في اخر لحظة .
ساعتها تبقي فرحان..... and u feel like
وتبوس راسه وتقله شكرا انا مش عرف كونت من غيرك كونت هعمل ايه .
وفجاة وانت ماشي تلاقي النور اللي في وشه انطفي والنسر اللي علي قورته طار
ويقولك علي فين يا بيه مش هتراعيني بقي.
انا : ربنا يكرمك ويفتحها في وشك .
العامل : لا بيه انا عاوزك تراعيني .
انا : يعم انت فاكر حسن شحاتة هخدك باك يمين ارعاك .
وفجاة تكتشف انه عاوز فلوس ومبلغ معين مش اي حاجة يعني وتكتشف انك مضطر تديله ...لانك لو مديتلوش هو هيديلك :))
وساعتها تلاقي النور اللي في وشه رجع والنسر اللي كان طاير عشش علي قورته من جديد وراح يصلي ركعتين شكر لله .
ساعتها تبقي واقف باصصله
and u feel like
والسؤال بقي نفسي افهم ايه اللي في مكنون الشعب المصري؟؟؟
العلمانيين بيطالبوا بفصل الدين عن السياسة ....والاسلامينن بيطالبوا بتطبيق الشريعة
والغريب ان المصرين بيجمعوا بين التياريت المتحاربين ، الشعب متدين وبيصلي وبيصوم وبيحج وبينتخب الشريعة وعاوزيطبقها والناس بعيط قدام البرامج من الايمانيات.....لكن في نفس الوقت فاصلين الدين عن الحياة كلها مش عن السياسة فقط
وبيرتكبوا مايخالف الدين قلبا وقالبا ....وساعتها تقول لنفسك " الناس دي عاوزة مننا ايه ياكابتن مدحت " .
وفي الناية هتفضل تسال ...وتسال...وتسال
الناس دي ايه اللي في مكنونها ؟؟؟؟
كفاحي »
العشوائيات سرطان في جسد القاهرة
العشوائية انها ذلك المرض الخبيث الذي ينهش في جسد الدولة ...انه سرطان ولكن ليس له مسكن او عملية استئصال أوعلاج كيماوي.
هي ليست مشكلة اراضي او عشش علي اطراف المحافظات ليس بها خدمات ،فمع مرور الزمن واهمال الدولة انتقلت المشكلة من عشوائية المكان الي عشوائية الاخلاق .
فأصبحت العشوائيات وكرا للأجرام ومدمني الحشيش والبرشام وايضا البلطجة.
لاتستطيع ان تميز بين مسلم او مسيحي او بين حزين وسعيد فالحياة القاسية في العشوائيات طبعت علي وجوههم شكلا موحدا واخلاقا واحدة.
وفي مطلع التسعينات لجأت اليها الجماعات المسلحة وجعلتها وكرا تقاتل منه الشرطة
فأصبحت العشوائياترمزا للاجرام من جهة والتطرف من جهة اخري ...أصبح للمناطق العشوائية قانونها الخاص ولغتها الخاصة بل وأصبحت في الفترة الاخيرة منبعا لمطربي الاغاني الشعبية ذات الطابع الخاص بها.
نادرا ماتجد محلا او ميكروباصا يشغل اغنية لمطرب معروف مثل منير او دياب او وردة ...دائما الاغاني الشعبية بيها الم وحزن وتشاؤم وغدر وخيانة "الاخ اللي باع اخوه...الصديق اللي قتل صديقه...الابن اللي موت ابوه....الزوجة اللي خانت زوجها"
حتي في الافراح تجد فيها اغاني الغدر والخيانة .
وهذه الاغاني والكلمات تجد صدا واسعا بين القاطنين بالعشوائيات فمعظمهم من اصحاب الصناعات الصغيرة "صنايعية" لا يعرفون انجازا في حياتهم سوي سيجارة الحشيش
وفروج زوجاتهم في ليلة الخميس وانجاب اطفال بكثرة وبلا هوادة.
الصحة تاج علي رؤوس الاصحاء لا يعرفه الا المرضي ...... وكذلك العشوائيات وباء
يصيب الاصحاء لايعرفه إلا المتعلمون ....فالجهل والحشيش والبرشام هم الحلم والطموح لاي شاب .
سأتكلم قليلا عن المنطقة التي اقيم بها وهي زهرة الزهرة كما يقال في الامثال
انها ليست زهرة المدائن ولكنها زهرة العشوائيات "........" اسمها لاينضح بما فيها من
جهل وتخلف ....فأنا الشاب المتعلم الذي دخل كلية الطب ويتفوق في دراسته منذ نعومة اظافره والذي كان يعيش حياة هادئة في مدينة ساحلية الي ان انتقل الي هذه المنطقة
مع دخوله الكلية.....فكانت الصدمة الكبري اني لا استطيع تحمل ذلك.
لأني احمل البالطو الابيض في ذهابي للكلية يطلق عليا جيراني لقب التمرجي ...في هذه المنطقة من يحمل بالطو ابيض يعد ممرضا او تمرجيا وهي كلقب افندي في الثلاثينيات.
جيراني من صعيد مصر هجروا قراهم ليغزوا بيت المعز القاهرة ليجعلوها بالفعل حتي الصباح ساهرة فقد جعلوا من الشارع الذي اقيم به غرزة ، ولعة الشيشة لا تكاد تنطفئ
ليلا او نهارا وكأنها نار المجوس .
الشارع عبارة عن 3 متر كل منزل قد اقتطع 40 سم اخر لنفسه لضيق المساحة لتصبح الماساة الاعظم ....البلكونة بينها وبين المقابلة لها اقل من نصف متر مما جعل مني وجيراني اكثر من اسرة فانا اعرف ادق تفاصيل حياتهم وهم كذلك ،اكاد اسمع تأوهات
زوجة جاري اثناء الجماع واصوات تبرزه في الحمام .
امام منزلي مقلب زبالة وورشة حدادة ومستودع انابيب ،لا احمل منبها ولا احتاجه
فالضوضاء وصوت اصطدام الانابيب كفيلة بجعلي مستيقظا 24 ساعة وليس بي حاجة للنوم.
اقتراب المنازل من بعضها وضيق الشوارع يجعلك تتحسس الخطي وتتحري الدقة منذ ان تخرج من منزلك في الصباح حتي تصل الي اقرب وسيلة مواصلات .
في الصباح امشي مسرعا بحزر وانا اردد قول الله تعالي "فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
حتي لا تسقط علي راسي بصقة او مياه نتنه من اعلي .....هذا في الذهاب اما العودة فهي
معاناة اخري وألم جديد .
في الصباح الباكر تقف عربية كارو يجرها حمار محملة بعشرات الانابيب المتهالكة
تحت شرفتي بجوار المستودع وتبدا سمفونية الصباح ،الحمار الذي لايتبرز إلا علي عتبة منزلي قد اصبح صديقا لي.
بعد سنين من التحاقي بكلية الطب تعرفت علي فتاة ....ملابسها البسيطة تخفي ثرائها الفاحش ،ازداد اعجابي بها يوما بعد يوم وهي كانت علي علم بذلك ،ظننت انها من اسرة فقيرة او متوسطة الحال الي ان صدمت عندما عرفت انهامن اسرة ثرية ...فهذه الفروق المادية والاجتماعية باعدت بيني وبينها كما باعد الله بين المشرق والمغرب ...ممكا كان له الاثر السئ لفترة غير قصيرة من حياتي تمتد توابعه الي الان.
فقد اصبحت شخصا غير الذي كان بدت عليّ القسوة واللامبالاة .
في احدي المواقف التي اتزكرها جيدا عند خروجي واصدقائي من الكلية وكاد الجوع يفتك بنا ،ووجدنا عربة كبدة ....اقترحوا الذهاب اليها رفضت قائلا لن اكل من عربة في الشارع...قال احدهم :هتعمل نفسك ابن ناس ده انت من "......."
كانت كلماتهكالصاعقة نزلت علي راسي من السماء واحسست بما كان يحس به عنترة عندما كانوا ينادونه بالعبد الاسود.
منذ ان ظهرت مشكلة الكهرباء في مصر والانقطاع المتكرر خاصة في المناطق العشوائية فعندما تقرر شركة الكهرباء قطع الكهرباء فهم يقطعونها عن هذه الاحياء الفقيرة لقلة حيلتها وهوانها علي الناس ....تقطع الكهرباء بصفة مستمرة يوميا وتصل الي 10 ساعات متواصلة ، و:أن لسان حالهم يقول : هؤلاء الغوغاء لا يستحقون هذه الكهرباء رغم مايدفعونه من مال .
هذه امثلة عن ما تسببه العشوائيات من اضرار صحية ونفسية داخلها وخارجها ...
فهل تتوقف هذه الماساة؟؟؟!!!!
تابع...
هي ليست مشكلة اراضي او عشش علي اطراف المحافظات ليس بها خدمات ،فمع مرور الزمن واهمال الدولة انتقلت المشكلة من عشوائية المكان الي عشوائية الاخلاق .
فأصبحت العشوائيات وكرا للأجرام ومدمني الحشيش والبرشام وايضا البلطجة.
لاتستطيع ان تميز بين مسلم او مسيحي او بين حزين وسعيد فالحياة القاسية في العشوائيات طبعت علي وجوههم شكلا موحدا واخلاقا واحدة.
وفي مطلع التسعينات لجأت اليها الجماعات المسلحة وجعلتها وكرا تقاتل منه الشرطة
فأصبحت العشوائياترمزا للاجرام من جهة والتطرف من جهة اخري ...أصبح للمناطق العشوائية قانونها الخاص ولغتها الخاصة بل وأصبحت في الفترة الاخيرة منبعا لمطربي الاغاني الشعبية ذات الطابع الخاص بها.
نادرا ماتجد محلا او ميكروباصا يشغل اغنية لمطرب معروف مثل منير او دياب او وردة ...دائما الاغاني الشعبية بيها الم وحزن وتشاؤم وغدر وخيانة "الاخ اللي باع اخوه...الصديق اللي قتل صديقه...الابن اللي موت ابوه....الزوجة اللي خانت زوجها"
حتي في الافراح تجد فيها اغاني الغدر والخيانة .
وهذه الاغاني والكلمات تجد صدا واسعا بين القاطنين بالعشوائيات فمعظمهم من اصحاب الصناعات الصغيرة "صنايعية" لا يعرفون انجازا في حياتهم سوي سيجارة الحشيش
وفروج زوجاتهم في ليلة الخميس وانجاب اطفال بكثرة وبلا هوادة.
الصحة تاج علي رؤوس الاصحاء لا يعرفه الا المرضي ...... وكذلك العشوائيات وباء
يصيب الاصحاء لايعرفه إلا المتعلمون ....فالجهل والحشيش والبرشام هم الحلم والطموح لاي شاب .
سأتكلم قليلا عن المنطقة التي اقيم بها وهي زهرة الزهرة كما يقال في الامثال
انها ليست زهرة المدائن ولكنها زهرة العشوائيات "........" اسمها لاينضح بما فيها من
جهل وتخلف ....فأنا الشاب المتعلم الذي دخل كلية الطب ويتفوق في دراسته منذ نعومة اظافره والذي كان يعيش حياة هادئة في مدينة ساحلية الي ان انتقل الي هذه المنطقة
مع دخوله الكلية.....فكانت الصدمة الكبري اني لا استطيع تحمل ذلك.
لأني احمل البالطو الابيض في ذهابي للكلية يطلق عليا جيراني لقب التمرجي ...في هذه المنطقة من يحمل بالطو ابيض يعد ممرضا او تمرجيا وهي كلقب افندي في الثلاثينيات.
جيراني من صعيد مصر هجروا قراهم ليغزوا بيت المعز القاهرة ليجعلوها بالفعل حتي الصباح ساهرة فقد جعلوا من الشارع الذي اقيم به غرزة ، ولعة الشيشة لا تكاد تنطفئ
ليلا او نهارا وكأنها نار المجوس .
الشارع عبارة عن 3 متر كل منزل قد اقتطع 40 سم اخر لنفسه لضيق المساحة لتصبح الماساة الاعظم ....البلكونة بينها وبين المقابلة لها اقل من نصف متر مما جعل مني وجيراني اكثر من اسرة فانا اعرف ادق تفاصيل حياتهم وهم كذلك ،اكاد اسمع تأوهات
زوجة جاري اثناء الجماع واصوات تبرزه في الحمام .
امام منزلي مقلب زبالة وورشة حدادة ومستودع انابيب ،لا احمل منبها ولا احتاجه
فالضوضاء وصوت اصطدام الانابيب كفيلة بجعلي مستيقظا 24 ساعة وليس بي حاجة للنوم.
اقتراب المنازل من بعضها وضيق الشوارع يجعلك تتحسس الخطي وتتحري الدقة منذ ان تخرج من منزلك في الصباح حتي تصل الي اقرب وسيلة مواصلات .
في الصباح امشي مسرعا بحزر وانا اردد قول الله تعالي "فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
حتي لا تسقط علي راسي بصقة او مياه نتنه من اعلي .....هذا في الذهاب اما العودة فهي
معاناة اخري وألم جديد .
في الصباح الباكر تقف عربية كارو يجرها حمار محملة بعشرات الانابيب المتهالكة
تحت شرفتي بجوار المستودع وتبدا سمفونية الصباح ،الحمار الذي لايتبرز إلا علي عتبة منزلي قد اصبح صديقا لي.
بعد سنين من التحاقي بكلية الطب تعرفت علي فتاة ....ملابسها البسيطة تخفي ثرائها الفاحش ،ازداد اعجابي بها يوما بعد يوم وهي كانت علي علم بذلك ،ظننت انها من اسرة فقيرة او متوسطة الحال الي ان صدمت عندما عرفت انهامن اسرة ثرية ...فهذه الفروق المادية والاجتماعية باعدت بيني وبينها كما باعد الله بين المشرق والمغرب ...ممكا كان له الاثر السئ لفترة غير قصيرة من حياتي تمتد توابعه الي الان.
فقد اصبحت شخصا غير الذي كان بدت عليّ القسوة واللامبالاة .
في احدي المواقف التي اتزكرها جيدا عند خروجي واصدقائي من الكلية وكاد الجوع يفتك بنا ،ووجدنا عربة كبدة ....اقترحوا الذهاب اليها رفضت قائلا لن اكل من عربة في الشارع...قال احدهم :هتعمل نفسك ابن ناس ده انت من "......."
كانت كلماتهكالصاعقة نزلت علي راسي من السماء واحسست بما كان يحس به عنترة عندما كانوا ينادونه بالعبد الاسود.
منذ ان ظهرت مشكلة الكهرباء في مصر والانقطاع المتكرر خاصة في المناطق العشوائية فعندما تقرر شركة الكهرباء قطع الكهرباء فهم يقطعونها عن هذه الاحياء الفقيرة لقلة حيلتها وهوانها علي الناس ....تقطع الكهرباء بصفة مستمرة يوميا وتصل الي 10 ساعات متواصلة ، و:أن لسان حالهم يقول : هؤلاء الغوغاء لا يستحقون هذه الكهرباء رغم مايدفعونه من مال .
هذه امثلة عن ما تسببه العشوائيات من اضرار صحية ونفسية داخلها وخارجها ...
فهل تتوقف هذه الماساة؟؟؟!!!!
اكواد